كائنٌ أسودُ القلبِ
والرُّوح
شعر: أحمد كمال
زكي
يَنْعَسُ
في كُلِّ يَوْمٍ ولَيْلٍ،
يَنْعَسْ
ولا يَرْتَجِيْ من نُعَاسِهِ
نَوْمًا
بَلِ الهَمَّ يَرْجُوْ؛
لِيَصْحُوَ صُبْحًا فَيَشْكُو
ويَشْكُو
ويُلْقِيَ فَوْقَ السَّوَادِ
بِقَلْبِهْ
سَوَادًا جَدِيْدًا!
هُوَ الآنَ يَغْفُوْ
فَيَبْدَأُ سَكْبَ السَّوَادِ
بِرُوْحِهْ
وتَرْجُفُ أعْضَاؤُهُ بَهْجَةً
بِهَمٍّ جَدِيدْ!
وتَلْبِسُ كُلَّ السَّوَادِ
لَدَيْهَا
وتَرْقُصُ في كُلِّ عِرْقٍ
دِمَاؤُهْ
وتَرْفَعُ رَايَاتِ حَفْلٍ
كَرِيْهٍ
وحِقْدٍ عَتِيدْ!
هُوَ الآنَ يَغْطَسُ في
قَاعِ حُلْمٍ
فَيَفْزَعُ – مِنْ وَجْهِهِ
– الحُلْمُ، يَرْجُفْ
ويَهْرُبُ مِنْ رُوْحِهِ
الآسِنَةْ
فَيَحْدِجُ حُلْمَهْ
ويَرْشَحُ مِنْ قَاعِ رُوْحِهِ
غَيْظٌ
ويَقْفِزُ مِنْ قَلْبِهِ
الصَّلْدِ مَسْخٌ
يُلاصِقُ وَجْهَهْ
وحِيْنَ يَبُصُّ لِمِرْآةِ
نَفْسِهْ
يُرِيْحُهُ مَسْخُهْ
فَيَغْفُوْ،
ويَرْقُدْ،
ويَهْجَعْ،
ويَسْبَخْ !
وحِيْنَ يَقُوْمُ
يَرُشُّ عَلَى وَجْهِهِ
المَسْخِ عِطْرًا
يَفُوْحُ بِنَتَنٍ كَئِيْبٍ
فَيَبْسُمْ!
وقَبْلَ الخُرُوْجِ إلى
النَّاسِ دَوْمًا
يُرَكِّبُ وَجْهًا / قِنَاعًا
يُدَارِيْ
بَشَاعَةَ نَفْسِهْ
وغِلاًّ وحِقْدًا تَمَلَّكَ
رُوْحَهْ!
ويَخْطُرُ زَهْوًا بِصَفْوٍ
سَرَابٍ
ورُوْحٍ خَرَابٍ
وقَلْبٍ يَبَابٍ
ونَفْسٍ تَعَرَّتْ فَبَانَ
لِنُظَّارِهَا أَلْفُ نَابٍ ونَابْ!
هو الآن يَهْذِيْ
ويُخْفِي البَشَاعَةَ عَن
نَاظِرِيْهِ
فَيَكْذِبْ
ويَفْتِنْ
يُدَاهِنْ، يُنَافِقْ،
يُمَالِئْ، ويَمْلأْ
عُقُوْلاً بِوَهْمٍ وكِذْبٍ
وحِقْدٍ
ويُطْلِقُ ضِحْكًا كَئِيْبًا
ويَظْلِمْ
ويَأكُلُ سُحْتًا
ويَشْرَبُ مُقْتًا
ويَنْفُثُ في وَجْهِ مَنْ
يَلْتَقِيْهِ سُمُوْمًا وبُغْضًا!
وبَعْدَ قَلِيْلٍ
تَعُمُّ الهُمُومْ
وتَطْفُو الكآبَةُ فَوْقَ
الوُجُوهْ
ويَطْفَحُ كُلُّ المَكَانِ
سَوَادًا!
فَيَضْحَكْ
ويَضْحَكْ
ومِنْ ضِحْكِهِ المُرِّ
يَنْبُتُ قَرَفٌ
يَحُوْطُ المَكَانَ بِهَمٍّ
مُقِيْمٍ
ونَحْسٍ سَقِيْمٍ
فَتَهْرُبُ مِنْ ضِحْكِهِ
الكَائِنَاتْ
ويَبْقَى سَعِيْدًا
بِنَتَنٍ يَفُوْحُ بَأرْجَاءِ
نَفْسِهْ
ولَهَبٍ تَأَجَّجَ في قَاعِ
سَمْتِهْ
فَأَحْرَقَ كُلَّ البَيَاضِ
القَدِيْمِ
ولَمْ يَبْقَ في قَلْبِهِ
المَسْخِ إِلاَّ
سَوَادُ السَّوَادْ!
--------------------
* القصيدة نُشرت بملحق الأربعاء الصادر مع جريدة "المدينة"
السعودية، يوم الأربعاء 6 أغسطس 2008م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق